مع انتشار الوعى العمرانى والمعمارى العام لدى الأفراد والمجتمعات واحتلال قضية الاستدامة مرتبة هامة فى أولويات معظم الحكومات عند التخطيط لكافة قطاعات التنمية، ولاسيما قطاع التنمية السكنية، وكذلك فى أولويات المؤسسات المنشغلة بقضايا الحفاظ على البيئة الطبيعية، وتوازنها; كان لابد من تغيير النظرة السطحية إلى مشروعات الإسكان العام بحيث تلبى الاحتياجات المختلفة للمستعملين وتحقق الأبعاد الثلاثة الرئيسية للمسكن المستدام، وهى الأبعاد البيئية والإقتصادية والإجتماعية الثقافية، والتى بتحقيقها يتحقق المفهوم الحقيقى للاستدامة، وعلى ألا يتم ذلك على حساب جعل المسكن ميسر، بحيث تأتى المساكن متوازنة بين تحقيق ناحية وظيفية ملائمة وكلفة معقولة يراعى فيها الجانب الإقتصادى ، فضلا عن اعتماد طرق ووسائل مناسبة للتشييد مع ضرورة التكيف مع البيئة واعتباراتها المختلفة.
ولذلك ظهرت الحاجة إلى وجود أنظمة لتقييم الاستدامة تهدف إلى تشجيع المبانى المستدامة، وتعمل على خلق نظام لمقارنة المبانى مع بعضها البعض لخلق روح التنافس فى الأداء البيئى لها، وتعمل على التحقق من مدى تحقيق هذه المبانى للتوازن بين عناصر الاستدامة البيئية والإقتصادية والإجتماعية الثقافية، ولذلك فإن هذه النظم من المفترض أنها تتضمن مجموعة من المعايير والأسس التى تهدف إلى التحقق من مدى تحقيق هذه المبانى للتوزان بين ركائز الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية الثقافية، والتى يجب أن تكون فى حالة توازن مع بعضها البعض، فلا يمكن تحقيق إحدى هذه العناصر على حساب عنصر آخر، وإلا فإن الاستدامة سوف تفتقد مفهومها الحقيقى.
لذلك تهدف هذه الورقة البحثية إلى دراسة وتحليل بعض أشهر نظم تقييم الاستدامة العالمية والعربية، والتى تتضمن برنامج خاص بتقييم استدامة المساكن، من خلال عمل مقارنة بين الفئات الرئيسية لنظم التقييم لتصنيفها من حيث عناصر الاستدامة الرئيسية، لبيان مدى تحقيقها لعناصر الاستدامة الثلاثة البيئية والاقتصادية والاجتماعية الثقافية، ومدى تحقيقها لمفهوم الاستدامة الحقيقى.