Skip to main content

الإخوان .. وهواية إجهاض الحلم بقيام الدولة .. مقال الأستاذ الدكتور شحاتة غريب شلقامي فى الأهرام المسائي

الإخوان .. وهواية إجهاض الحلم بقيام الدولة

مقال الاستاذ الدكتور شحاتة غريب شلقامي  فى الأهرام المسائي 

الإخوان  وهواية إجهاض الحلم بقيام الدولة

منذ أن بدأت في السنوات الماضية أحداث ما يسمى بالربيع العربي في معظم الدول العربية، قد حاول الإخوان المتأسلمون الهيمنة على مقاليد الأمور، والتحكم في كل المسائل الاستراتيجية، التي تؤثر في عملية اتخاذ القرار، ولكن من أهم القضايا التي نجحوا فيها، واستطاعوا أن يحققوا من ورائها العديد من المكاسب، هي قضية تضليل الوعي، وتزييف، وخداع البسطاء من الشعوب، حتى أهل السياسة والحكم، قد نالوا أنفسهم جزءاً كبيراً من هذا التضليل، واعتقدوا أن الإخوان هم المنقذ لحرية الفكر، والرأي، والتعبير، وتحريرهم على حد قولهم من استعمار الأنظمة الحاكمة، واستبدادها، وتسلطها، وأن حكم الإخوان هو الحكم الذى طال انتظاره، لينهي حالة الصراع بين الأنظمة الاستبدادية من ناحية، وحماة الديمقراطية من ناحية أخرى، الذين يأملون في حكم ديمقراطي يسمح لجميع الأحزاب، والحركات، بالمشاركة في إدارة شئون البلاد!

ولكن قد خاب ظن قادة وأعضاء جميع هذه الأحزاب، أو الحركات، حيث قد وجدوا أنفسهم قد دخلوا في صراعات متتالية مع جماعة الإخوان المتأسلمين، بسبب تسلطهم، ومحاولاتهم الدائمة في إقصاء كل النخب عن المشهد السياسي، وقصر العمل السياسي والمشاركة في الملفات المهمة على من آمن بالسمع والطاعة ومال مع أفكارهم ومعتقداتهم، التي لا تمت بصلة إلى المبادئ التي أرساها الدين الإسلامي، الذي يتذرعون دائما بأنهم حاملو لواء الدفاع عنه، وأنه الحل لكل ما يمكن أن يعتري الحياة من مشكلات، أو عقبات، وبالفعل لا يستطيع إلا جاحد أن ينكر أن في الدين الإسلامي الحل لمعظم القضايا الشائكة، لكنه يكون بريئاً من جماعة الإخوان المتأسلمة، التي لا تبحث سوى عن مصالح تنظيمها الدولي، بغض النظر عن مصالح الوطن العليا، لأنهم وببساطة شديدة، لا يؤمنون بالأوطان، ولا يعترفون إلا بوطنهم هم، الذى يحكمه فكرهم الذى لا يقبل مناقشة، أو حوارا، وليس على القاطنين فيه سوى الامتثال، والخنوع، والخضوع، لتعليماتهم وأوامرهم، وأن يسيروا في فلكهم، وأن تبحر مراكبهم وفقاُ لشراعهم أياً كانت الأمواج!

ولذلك انتفضت الشعوب في معظم الدول العربية لتتخلص من حكم الإخوان وسيطرتهم على مقاليد الأمور، وبدأت هذه الشعوب في كشف وفضح محاولات الإخوان الخادعة، والمضللة، وقد أخذ الشباب على عاتقه أن يتمرد على حكمهم، وأن الوقت قد حان للمواجهة، حفاظاً على الوطن، واسترداداً للقيم النبيلة، التي تم فقدها طوال فترة حكمهم، ونزلت ملايين الأفراد في ميادين وشوارع بعض الدول ليهتفوا بسقوط حكم المرشد وسقوط الأقنعة، وأن وقت خداع الشعوب، وتزييف وعيهم، قد انتهى، وأن الدين لا يمكن مرة أخرى قبول استخدامه ذريعة، أو ستاراً، لأفعالهم الكاذبة وحيلهم المضللة، وأن تعاليم الإسلام العظيمة حول التسامح والتعايش، وقبول الآخر، تكون بريئة من تصرفاتهم الضالة، التي أخذت الدول إلى طريق الفتن، والمؤامرات، والصراعات الداخلية، التي تؤدى حتما إلى تفكك هذه الدول، وانهيارها، وغروب الاستقرار، والأمن، والآمان، ليحل محلهم الفوضى، والخوف، وعدم الطمأنينة في الحاضر والمستقبل على حد سواء!

فلقد صار إجهاض الشعور بالاستقرار، أو الأمن، إحدى أدوات الإخوان المتأسلمين الأساسية، للعمل على هز ثقة الشعوب فيأي محاولات تسعى إلى ترسيخ معنى الدولة، واحترام سلطاتها، ومعاقبة كل من يحاول المساس بها، ولقد بات التشكيك في كل ما هو لصالح بناء الدول منهجاً عند الإخوان وأعوانهم، ليقتلوا الأمل في غد مشرق عند الشعوب، وليقتلوا الحلم في حياة آمنة، وهو جنين، دون السماح له أن يولد، ليرسم السعادة على وجوه تلك الشعوب، وحتى إن سمحوا لهذا الحلم بالميلاد، فليولد ميتاً، كي تستمر حياة المعاناة، وحياة فقدان الأمل في المستقبل، وأن يستمر الظلام، وعتمة الليل، دون انتظار لنهار أن يأتي!

ولعل ما حدث في مصر بعد قيام ثورة الثلاثين من يونيو 2013م يؤكد لنا كل ما سبق، ويوضح لنا كل محاولات جماعة الإخوان الإرهابية في إفشال هذه الثورة، واتهامها بما لا يمكن قبوله، خاصة في ظل خروج الملايين من الشعب للمناداة بنهاية حكم هذه الجماعة، وأن يتم وضع خارطة طريق، تضمن عودة الاستقرار، وعودة كافة مؤسسات الدولة، وهيبتها، وعودة سيادة القانون، وأن ينعم الجميع بالحق في المساواة، وتكافؤ الفرص، وحرية الرأي والتعبير، والمواطنة، والمشاركة في شئون الحكم، من خلال تهيئة المناخ، لوجود حياة نيابية، تسمح لكل الفئات بأن تكون ممثلة في هذه الحياة، ليكون الوطن وبحق للجميع، وليس مقصوراً على جماعة معينة، لا تؤمن بغيرها!

 وقد ظلت المحاولات الشيطانية لجماعة الإخوان وأعوانهم حتى يومنا هذا، بهدف زعزعة الاستقرار، وعدم استكمال مسيرة البناء والتنمية، فما من إنجاز يتم على أرض الواقع، وإلا وتجد عملاءهم يشككون في هذا الإنجاز، ويحاولون تزييف الحقائق، لهدم جسر الثقة بين الشعب والقيادة السياسية، وسيستمرون في فعل ذلك، وعلينا أيضاً أن نستمر في العمل التنموي، وتحقيق التنمية في كل الأماكن وفى كل المجالات دون النظر إلى أكاذيبهم، وعدم أخذها في الحسبان، حتى تستمر عجلة التقدم دون توقف!

وإذا لاحظنا المشهد في بعض الدول العربية، سنجد أن أسلوب جماعة الإخوان يكون واحداً في كل مكان، فإذا كان الأسلوب في مصر هو تضليل الوعي، ونشر الفتن، وتدبير المؤامرات، لعرقلة مسيرة الإصلاح، ستجد أن هذا الأسلوب هو ذاته المتبع في تونس، بعد أن أطاح بهم الرئيس قيس سعيد بناء على نداء الشعب التونسي، بهدف التخلص منهم، وأن يتم وضع خارطة طريق للمستقبل، تنقذ تونس من الأزمات الاقتصادية الطاحنة، التي أعادت الدولة إلى الوراء!

بقلم

أ. د/ شحاتة غريب

أستاذ القانون ونائب رئيس جامعة أسيوط

https://gate.ahram.org.eg/News/3247476.aspx