جامعة أسيوط
كلية التربية النوعية
قسم التربية الفنية
ملخص بحث بعنوان
التجريب بالخامات الطبيعية وأثرها فى إثراء العمل النحتى
مقدم من
دكتور
محمد جلال على محمد
المدرس بقسم التربية الفنية
كلية التربية النوعية
تخصص (تربية فنية - نحت)
2010م
الملخص :
الفن هو إنتاج إنساني ينظم الفنان فيه المواد بحذق ومهارة لكى يواصل تجربة إنسانية ما ، والخامة من أهم عناصر العمل الفنية الثلاثة ( المادة والصورة والتعبير) ، فهي الشكل والأداة التي تساعد الفنان على تكوين الموضوع الجمالي وتحدد شكل الفن وطريقة صياغته .
ونتيجة للتطور العلمي والتكنولوجي تغيرت المفاهيم الجمالية مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، حيث طرأت تغيرات مفاجئة فى الحركة الفنية ، وتشكلت مبادئ جديدة مستحدثة للفن بالنسبة للتجريب بالخامات المستحدثة كوسيلة التعبير و أثرها على التقنيات والأساليب الأدائية ، فاكتسبت المادة صفات الطواعية والليونة بفضل المهارة الفنية للفنان ، ورؤيته المستحدثة وتفهمه لدورها فى العمل الفني. وغدت المادة غاية فى ذاتها وليست مجرد شئ صنع منه العمل .
وقد احتل التجريب فى مجال الفنون التشكيلية Plastic Arts مكانة ذات أهمية بالغة ، وذلك لارتباطه بتطور الخامات واستخدامها ،و كذلك بفلسفة العصر ، فأصبح الفنان المعاصر يتخذ من أسلوب البحث والتجريب منطلقاً لإدراك رؤية تشكيلية جديدة تنمى الوعى بمنطق التشكيل الفنى ، هذا مما أدى إلى ظهور العديد من الاتجاهات والمدارس الفنية.
وتناول البحث مفهوم التجريب وعلاقته بالإبداع الفنى ، و مفهوم الخامة و أثرها فى العمل النحتى ودور كل من التجريب والخامة فى إثراء العمل النحتى ، وذلك من خلال تحليل بعض الأعمال النحتية المصرية فى الفن الحديث للوقوف على القيم التشكيلية و التعبيرية فى الأعمال النحتية وذلك من خلال التجريب بالخامات الطبيعية مما أثري العمل النحتى .
وللتجريب معنى علمى يتلخص فى اختيار فكرة معينة يفترض صحتها مقدماً توضع موضع التجريب ، مع ملاحظة النتائج ، ثم استنباط تعميمات يمكن تطبيقها فى مواقف مختلفة ، يقصد به الكشف عن مدى صحة النظرية .
والتجريب ليس مجرد تشكيل فنى جديد بقدر ما هو سلوك يساعد على نمو التفكير والأداء الإبداعى والطلاقة التشكيلية ، من خلال عرض الجوانب الجمالية المتباينة للموضوع والحلول المختلفة ، ويعتبر الفنان هو حلقة الوصل بين المجتمع وأفراده عاكساً لظروف عصره وفلسفته مؤكداً على الأبعاد الثقافية من عادات وتقاليد وأنماط معيشية وأفكار قد تكون حديثة أو قديمة ، و ارتبط التجريب في الفن التشكيلي على مر العصور بفلسفة العصر و برؤية الفنان للواقع من حوله.
وهناك أنواع للتجريب منها التجريب فى الفكر experimenting in opinion والمقصود به قدرة الفنان العقلية في تنوع التفكير بحثا عن أسلوب صياغة جديد لعناصر العمل الفني أو ترتيبها برؤية مختلفة عن الشكل التقليدي ، و في هذه الحالة يخضع لعمليات فكرية متداخلة تسمح بالحذف والإضافة ، وقد تكون غير محددة الخطوات ، أو تسمح بتقديم خطوة على أخرى ، وعنها تنشأ الصياغات التشكيلية الجديدة ، وهناك التجريب فى الطريقةProcedure experimenting in وهو إتباع الفنان لأسلوب Style و أداء معين لتوضيح عناصر أشكاله و لتنفيذ عمله الفني ، ويختلف من فنان لأخر ، وأيضاً التجريب فى التقنية Technique وهو يعنى التجريب فى معالجة خامة معينة ، والتى يسعى فيها الفنان لتطويع هذه الخامة لتنفيذ تشكيل وتكوين نحتى بها تحمل العديد من التأثيرات الملمسية التى تفيد العمل النحتى من حيث الشكل والمضمون التعبيرى وذلك من خلال إجراء العديد من التجارب على الخامات المختلفة ، وذلك سعياً إلى الحصول على تقنيات وتأثيرات ملمسية ومضامين تعبيرية جديدة ذات رؤى فنية مستحدثة .
و لأهمية العلاقة بين النحات والخامة الطبيعية نجد انه لابد من وجود أسس لهذه العلاقة منها القدرة والمهارة الابتكارية وهى ترتبط بشخصية الفنان وقدرته على تنفيذ أعماله بأسلوب مميز يظهر من خلاله جوانب الصنعة والمهارة ، ومن اسس العلاقة بين النحات والخامة الطبيعية أيضاً قدرة النحات على التخيل ، فهناك مواد مختلفة لم تشكل بعد غير أنها تثير إعجاب النحات بمميزاتها وخصائصها عندما يعثر فيها على مقومات معينه ، تساعده في إيجاد صياغة تشكيلية لعمله النحتى ، و لبعض المواد صفات شكلية خاصة ، وهى تتمتع بأشكال تفرض نفسها على شكل العمل النحتى الذى ينفذ من خلالها ، وهكذا تقبل هذه الخامات شكلاً ما ، وترفض شكلاً آخر ومن هنا يمكن القول بأن شكل العمل النحتى يعتمد بدرجة كبيرة على المادة المستخدمة فى تنفيذه ، فإنه لزاماً عليه أن يفكر في الصورة التي ستصبح عليها الخامة فيما بعد ، ومن ذلك لابد للفنان أن يتمتع بقدر اكبر من الخيال حينما يتعامل مع توظيف الخامة وتشكيلها بما يتناسب وفكرة عمله النحتى لتحقيق التشكيل الجمالى والمضمون التعبيري ، وهذا الأمر ليس سهلاً على الفنان تحقيقه ، لذا عليه أن يتدرب ويتعامل مع خامته من خلال التجريب حتى تكشف له كل أبعادها التشكيلية ، وأن يصبح مسيطراً عليها ويستفيد من إمكانياتها .
وأيضا من اسس العلاقة بين النحات والخامة الطبيعية الصدق الفني في التعامل مع الخامة وهو قدرة الفنان المبدع بخبرته في التعرف على الخواص الحسية و التركيبية للخامات المختلفة وفهم الإمكانيات التشكيلية لكل نوع على حدة ، و قدرتها في تحقيق صياغات تشكيلية معينه ومطلوبه ، وهذا ما يسمى بالإحساس و الصدق الفني للخامة
ومن ما تم إستعراضه من تجارب النحاتين نرى أنهم قد استفادوا من التجريب بالخامات الطبيعية مما أدى إلى إثراء الشكل النحتى ، من خلال استلهامهم اشكالهم من أشكال الخامة وتطويعها للتشكيل بما يترائى لهم من مضامين تعبيرية يريدون التعبير عنها ، مما يدلل على انه يمكن الاستفادة من التجريب بالخامات الطبيعية ومن الإمكانات التشكيلية و التعبيرية للخامة في إثراء العمل النحتى تشكيليا وتعبيرياً .
التوصيات :
- تشجيع شباب النحاتين على اكتشاف خبايا الخامات الطبيعية وطرائق جديدة للتعبير من خلال التجريب بالخامات الطبيعية التى بإمكان معطياتها التشكيلية والتعبيرية مع بعض المعالجات المناسبة التعبير فكريا وجماليا عن مضامين فكرية .
- دراسة الخامات الطبيعية وخواصها الشكلية والتشكيلية والافادة منها فى انتاج أعمال نحتية معاصرة معبرة وتتواكب وروح العصر والاتجاهات المعاصرة بما يتوائم مع الأعراف والتقاليد والشخصية العربية المصرية .