Skip to main content

ما بعد «الاختيار 3» ! ... مقال للاستاذ الدكتور شحاتة غريب شلقامي نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب ... فى جريدة الاهرام

ما بعد «الاختيار 3» !  ... مقال للاستاذ الدكتور شحاتة غريب شلقامي نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب ... فى جريدة الاهرام 

  يوم الأثنين 15 من شوال 1443 هــ 16 مايو 2022 السنة 146 العدد 49469

د شحاته

 الأستاذ الدكتور شحاتة غريب شلقامى نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب 

شاهد الملايين من الشعب المصرى والشعوب العربية خلال شهر رمضان الماضى مسلسل «الاختيار3»، استكمالاً لمسيرة عرض مشاهد البطولات والتضحيات من أجل الوطن، واستكمالاً لمسيرة بناء وعى الشعب بحقيقة الأحداث التى حدثت فى أهم فترة من تاريخ مصر، وبيان مصير الاختيار لأى شخص أو جماعة، والنتائج المترتبة على هذا الاختيار، فهناك مَن اختار الوطن والدفاع عن أمنه واستقراره ووحدته، وهناك مَن اختار طريق التطرف والإرهاب، وترعيب المواطنين، تنفيذا لأجندات خاصة، لا تمت بأى صلة بمصالح الوطن، بل كانت بالمرصاد لأمنه القومى، وحجر عثرة أمام تقدمه وتنميته!.

ولاشك أن مسلسل الاختيار قد أحدث منذ الجزء الأول منه طفرة نوعية فى حياة الشعب المصرى الفكرية، ووضح له حقيقة المدعين أصحاب الأفكار الهدامة، والذين لا يبحثون إلا عن مآربهم الشخصية فقط، دون أدنى اعتبار لسلام المجتمع وأمنه واستقراره، كما أن هذا المسلسل قد أعاد لنا الصورة التى ينبغى أن تكون للدراما المصرية، وأهمية أن تكون هادفة، وتشكل قيمة معينة، تضيف إلى عالمنا الإنسانى ما قد يساعدنا على الحفاظ على معنى الإنسان، ومواجهة ومحاربة الشيطان، واستئصال الأفكار الشيطانية التى تبناها مَن اختاروا طريق التزييف، والخداع، والضلال، والعبث بمقدرات الوطن، والنهش فى جسده كالأورام السرطانية، وأن يعلم الجميع أن مَن اختار هذا الطريق الضال، سيأتى يوم نهايته عاجلا أم آجلاً، وأن أى متطرف أو إرهابى لا يستطيع، أيا كان ذكاؤه، أو الدول التى تسانده، أن يهرب من العدالة، أو أن يخدع الشعب المصرى مرة أخرى بأكاذيبه، وستاره الدينى الذى يريد به الباطل!.

وإذا كانت كل أجزاء مسلسل الاختيار تعبر عن ملاحم فدائية، وتضحيات، وبطولات عظيمة، لرجال الجيش والشرطة، إلا أن الجزء الثالث من المسلسل كان له طبيعة خاصة، حيث تناول فترة تاريخية مهمة فى حياة مصر والمصريين، عندما استطاع الإخوان عام 2012 تضليل أغلبية الشعب بأفكارهم، التى تبدو فى ظاهرها مع الحرية والتعددية، والديمقراطية، والمشاركة، وحرية الرأى والتعبير، وقبول الآخر، لكنها تخفى فى الحقيقة فى باطنها أفكارا سوداء، لا تهدف الى تحقيق الأمن والأمان والاستقرار، لكنها تهدف إلى زعزعة هذا الاستقرار، وتدمير البنية التحتية للوطن، وزرع بذور الفتنة، ليكون حصادنا جميعا هو انهيار الوطن وغياب معنى الدولة!. وهنا أتذكر عبارة قداسة البابا تواضروس الثانى عندما قال: «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»، لتأتى هذه العبارة متناغمة مع ما ذكره فضيلة الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر حول قيمة الوطن، وحتمية الحفاظ عليه. استطاع صناع «الاختيار3» أن يظهروا جماعة الإخوان على حقيقتهم، وأن يفضحوا مخططاتهم التآمرية ضد الوطن، ولعل التسريبات التى كانت تبث فى أحداث كل حلقة وفى نهايتها، أكدت لمن كان لديه شك حتى ولو كان ضئيلا مدى مصداقية الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل ما ذكره،عندما أقسم مراراً وتكراراً، أنه حاول مع مرسى أكثر من مرة ليكون رئيسا لكل المصريين، وأن يعمل لمصلحتهم، بعيدا عن توجيهات وتعليمات مكتب الإرشاد، لكنه لم يستجب، وكانت جماعته هى الأولى بالرعاية، بغض النظر عن رعاية الشعب، وتحقيق مصالحه، ونشر السلام بين صفوفه، مما أكد وبوضوح مدى تفضيل مرسى وجماعته تنظيم الإخوان على الشعب المصرى، وعلى معنى الدولة المصرية نفسها!. كما أن التسريبات بينت ما تكنه جماعة الإخوان لغيرها من الجماعات الدينية الأخرى، من حقد، وكراهية، لدرجة وصفهم بالشراذم، مما يؤكد أن كل مَن يتخذ الدين ستاراً، لتحقيق غاياته، لا يعرف شيئاً عن جوهر، ومضمون، هذا الدين، وتعاليمه التى تدعو الى التسامح، والتعايش، وقبول الآخر. فكل ما قيل وكُتب من قبل عن جماعة الإخوان، قد أكده مسلسل «الاختيار3»، وأن هذه الجماعة تستحق وصف الإرهابية، والكاذبة، والخادعة، والمضللة، وأن الله سبحانه وتعالى قد أنقذ مصر وشعبها، من فتنهم، وإرهابهم، وقد سخر رجالاً أوفياء، وطنيين، ومخلصين، حملوا أكفانهم على أيديهم من أجل مصر، وتحملوا ما لا تتحمله الجبال من أجل مصر، وواجهوا كل أساليب الحروب، دون أدنى اكتراث لما يُقال ضد سمعتهم، وضد عائلاتهم، وضد إخلاصهم، وأخذوا على عاتقهم حمل لواء الدفاع عن الوطن، حتى ولو ترتب على ذلك فقد أرواحهم، لأنهم يؤمنون وبحق، بأن الوطن هو الأغلى، والأولى، وقبل كل شيء!

ولذلك يجب علينا جميعا بعد مشاهدتنا مسلسل «الاختيار3»، أن نعى جيدا ما كانت تحيكه جماعة الإخوان الإرهابية ضدنا، وما كانت تريده من الوطن، بهدف تقسيمه، ونشر الفتن، ونشوب الحروب الأهلية، ليتم تقديم الوطن بعد انهياره لقمة سائغة للدول المتآمرة، التى كانت تدافع باستبسال عن الجماعة الارهابية، وكانت تستخدم كل الوسائل لاستمرار تضليل الشعوب، واللهث وراء الجماعة، سمعاً وطاعة، دون جدال، أو نقاش، أو معرفة للحقائق، وهو ما يحتم علينا أن نكون فى أشد حالات اليقظة، والوعى، ضد أى محاولات أخرى، مازالت بعض فلول الجماعة الإرهابية تبثها لنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، وأن نواجه كل هذه المحاولات، ونقضى عليها، وأن نقف خلف قيادتنا السياسية، لاستكمال رحلة البناء والتنمية، ورحلة الحياة الكريمة، التى بحثنا عنها طويلاً، وأن نكون جميعاً بعد مشاهدة «الاختيار 3» مدركين جيدا لمعنى الدولة، والفوضى التى يمكن أن نعيشها فى ظل غياب الدولة!.

بقلم

أ. د/ شحاتة غريب شلقامي

أستاذ القانون ونائب رئيس جامعة أسيوط

رابط المقال بجريدة الاهرام   https://gate.ahram.org.eg/daily/NewsQ/854045.aspx