Skip to main content

المسرح واللى مسرحوه .. مقال بقلم الفنان المبدع م. محمد جمعه مدير إدارة الفنون جامعة أسيوط

المسرح واللى مسرحوه .. مقال بقلم الفنان المبدع م. محمد جمعه مدير إدارة الفنون جامعة أسيوط

 

مازال المسرح وأعتقد أنه سيظل عشقى وهوايتى ولعبتى الأسيرة التي لا تدنو منها هواية أو مجال أخر بإعتباره فن مركب يسمح لى بإشباع كل الرغبات والتطلعات وكذلك الشطحات لأى طاقة تم شحنى بها ونجحت في استفزاز وجدانى وعقلى وأى من الحواس .

وانى أرى أي مفردة من مفردات المسرح لها من الأهمية والقيمة مثل باقى المفردات ولا يمكن تفضيل أو تعزيز أي منها عن الأخرى فالجودة والإتقان الإبداعي لجميع المفردات واجب فنى لتحقيق الانسجام والتوافق لإنتاج عرض مسرحى بديع العناصر مكتمل الرؤية فائق الإبداع .

أنا لا اؤمن بفن المسرح للمسرح وإنما المسرح دائما للناس فمن الناس يستقى مضمونه والى الناس توجه عروضه التي يرى الجمهور فيها نفسه كمرآة تعكس مساخره وهمومه وتتوحد مع أحلامه وطموحاته بل إن هناك من الأفكار المسرحية من يستطيع أن يقف على أعتاب المستقبل .

إن روعة العملية المسرحية تكمن في البساطة واليسر أي ما بين سلاسة التناول وسهولة التلقى دون التحذلق والتقعر والتعالى بالأساليب اللوغاريتمية التي تجهل اللبيب مما تجعل الوعى المسرحى يقف أمامها حائرا مندهشا والتي تدفع الناقد المسرحى المدعى الجاهل بأن ينسبها إلى الابتكار والإبداع المسرحى الحديث

المقومات الأساسية والأصول والقواعد المسرحية لا يمكن أن تفنى أو تستبعد بدعوة الاستحداث والتطور الإبداعي الجديد لأنها بمثابة الجذور التي لا يمكن أن تطرح بدونها الثمار وعليه فإن الإبداع متجدد ومتطور وتحديثه قادم لا محالة لكن بدون الأصول والقواعد الثابتة يكون بمثابة الحرث في البحر أو الأرض البور.

التمثيل المسرحى هو قمة مراتب الأداء الفني . والممثل المسرحى متميز ومتفرد عن نظيره السينمائى والتلفزيونى لإمتلاكه مقومات وسمات تؤهله للقدرة والمهارة واللياقة الحية المباشرة فيسهل تمكنه من السيطرة على جمهور التلقى ليتوحد مع صدقه في الأداء وقدرته على الإقناع فيصلا معا الى درجة الذوبان والإنصهار ولن يتحقق له ذلك إلا باللياقة الذهنية والبدنية والفنية عالية القدرة والتدريب والثقافة وقبل هذا كله الإحساس الطازج الممزوج بهموم الشأن العام قبل الخاص .

الممثل المسرحى بقدراته ومؤهلاته النفسية والعقلية والوجدانية يمكن نسخه في أي صورة متفاعلة حية ومباشرة للوصول الى تجسيد الواقع بكل أبعاده وجوانبه ليتحقق صدق الأداء وبراعة الإقناع .

المخرج المسرحى قيادى محنك يتسع صدره وعقله ووجدانه لأكثر من خمسين نفسا بما فيها من تركيبات ويستمد ثقافته الحياتية من أرصفة الشوارع وثقافته المعرفية من أمهات الكتب وثقافته الفنية من رواد المسرح الذين سبقوه من آمن وقنع وتعلم وتأثر بهداهم وإبداعاتهم .

المخرج هو مغامر قلق يقف أمام العرض المسرحى ومن خلفه ومن كل جوانبه محاولا بكل المعايير الفنية أن يصنع الحالة العضوية التي تصل برؤيته الى لب المتلقى . لذا يعد التوظيف وتسكين أدوار التمثيل من المهام السهلة للمخرج رغم صعوبتها أما المقادير والنسب للمفردات الخدمية الأصيلة كالديكور والموسيقى والأشعار والملابس والسينوغرافيا التي تملئ الفراغ المسرحى فلها حسابات ومفاوضات مع الشركاء من مبدعيها مفادها هو انسجام الحالة وتحقيق المتعة البصرية والسمعية والفكرية للمتلقى للوصول الى عرض مسرحى متكامل منضبط الإيقاع عظيم التأثير .

المسرح ذلك العشق الدائم والحنين المتصل . في وصال الممارسين له حالة إدمان دائم وله في نفوس المتابعين من الجمهور طقس ماتع كانه نزهة بديعة لتفتيح المسام وتطهير الأوجاع والمتاعب . علاقة حية مباشرة محاطة بالوعى الكامل من طرفى اللقاء تتوحد فيها الأهداف والمقاصد بالتفاعل الحميم والاتصال والوصال المتبادل التي تنتجه حبكة فنية متقنة وأداء بارع ورؤية فنية واضحة وإيقاع متزن ومنضبط يصل بالعملية المسرحية الى شفاء وإرضاء وسعادة كلا الطرفين من الممارسين والجمهور .

المسرح هو الحياة بتفاصيلها العجيبة المدهشة وهو المستشرف للمستقبل بما فيه من تحدى واكتشاف كل ما هو مجهول .

المسرح هو حياتنا يا سادة .

مقال