Skip to main content

الرؤية الإستشراقية للعلم العربي بين التبعية والأصالة

Research Department
Research Journal
مجلة كلية الدراسات الاسلامية والعربية بجامعة المنيا
Research Member
Research Publisher
كلية الدراسات الاسلامية والعربية
Research Rank
2
Research Vol
NULL
Research Website
NULL
Research Year
2009
Research_Pages
NULL
Research Abstract

تعد قضية الاستشراق ظاهرة علمية وثقافية غريبة ذات تاريخ طويل ، يرجع لدي بعض الدارسين إلي ألف سنة . فهو من حيث الزمان نتاج امتداد زمني قديم ، ثم هو من حيث المكان الجغرافي ذو جذور ممتدة في بلاد غريبة كثيرة ، بحيث يمكن القول بأن كل الدول الغربية – تقريباً – قد أسهمت فيه وإن تكن بريطانيا وفرنسا ثم أمريكا وألمانيا في العصر الحديث هي صاحبة الجهد الأكبر فيه سواء علي مستوي المحتوي الحضاري والثقافي للشرق الذي إهتم به المشتشرقون أو علي مستوي تنوع الجهود العلمية النظرية والعملية التي بذلها هؤلاء لتحقيق غايات متعددة . علي أن قسماً كبيراً من هذه الجهود قد انصب لأسباب متنوعة علي دراسة الشرق العربي الإسلامي في علومه وديانته وآدابه وفلسفاته . وهو ما يجعلنا مطالبين أكثر من غيرنا – بدراسة الحركة الإستشراقية وتقويمها ، والتركيز علي بيان إيجابياتها وسلبياتها حتي نسهم في تنوير وتوعية عقول شبابنا من الباحثين والدارسين ومعاونتهم في فهم محتوي وتوجهات هذه الحركة ، ليفيدوا من إيجابياتها ويكون علي دراية وإحاطة بسلبياتها ، ومن ثم يكون في مأمن من التأثر بهذه السلبيات علماً وثقافةً ومنهجاً وسلوكاً (1) .
لقد تناول المستشرقون التراث العربي والإسلامي بالكشف والجمع والصون ، والتقويم والفهرسة ، لكنهم لم يقفوا عند هذا الحد ، بل تجاوزه إلي حيث دراسة هذا التراث وتحقيقه ونشره وترجمته والتنظير له والتصنيف فيه ، في منشئه ومصادره وتأثره وتطوره وأثره ومقارنته بغيره ، مستعينين ذلك كله بما أنشأوه من المعاهد والمراكز البحثية والمؤسسات العلمية الجامعية والمطابع والمجلات ودوائر المعارف والمؤتمرات ، حتي بلغوا فيه منذ مئات السنين ، وفي شتي البلدان وبسائر اللغات ، مبلغاً عظيماً من العمق والشمول والطرافة ، وأصبح إنتاجهم العلمي يكون أحد الروافد الرئيسية لوعينا القومي ، وأحد مصادر المعرفة المباشرة لتراثنا وثقافتنا العلمية والفلسفية والقومية (2).
وكان للعلم العربي نصيب وافر من هذه الجهود الاستشراقية علي تنوعها سواء فيما يختص بالكشف عن كنوز تراثه وصيانته وطبعه ونشره وترجمته ، أو فيما يتعلق بدراسته وتقييمه ونقده ومعالجة قضاياه ومشكلاته والترجمة لأعلامه . ولم تقصر هذه الجهود علي مجال واحد من مجالات العلم العربي ، وإنما شملت جميع مجالاته تقريباً : الطب ، والفلك ، والميكانيكا ، والرياضيات ، والزراعة ، والملاحة والبيطرة ... الخ ، ولولا هذه الجهود الاستشراقية – علي ما فيها من سلبيات – لظلت معرفتنا بتراثنا العلمي محدودة في أضيق نطاق.
ولهذا السبب حظي الاستشراق والمستشرقين باهتمام كبير من علمائنا ومفكرينا المعاصرين ، ولكن اهتماماتهم انصبت إما علي تفنيد آراء المستشرقين في تحقيق هذا التراث وفهرسته ونشره ، ولكن بحثنا هذا يركز علي جانب واحد من آراء المستشرقين في الفكر العربي ، وهو " الرؤية الإستشراقية للعلم العربي بين الأصالة والتبعية " .
وطريقتنا في هذا البحث نقوم باستعراض بعض الآراء الأساسية للمستشرقين فيما يتصل بظاهرة العلم العربي ، ثم نعقب علي ذلك بما نستخلصه من المواقف الاستشراقية إزاء العلم العربي .
ونحن بادئ ذي بدء لا ندخل علي المستشرقين هنا دخول المنكر المعاند عن المثالب ، وإنما ندخل عليهم دخول الباحث الذي يتوخى الوصول إلي الحقيقة ، وهذا سيجعلنا نتعرف علي ما للمستشرقين من إيجابيات تذكر لهم وما لهم من سلبيات تسجل عليهم .