حذر الدكتور طارق الجمال رئيس جامعة أسيوط مما تتعرض لها مصر من مؤامرات داخلية وأطماع خارجية تهدف للنيل من مكانتها الريادية في المنطقة العربية والأفريقية وهى ما تًعد شرور متعددة الوجوه لكنها موحدة الهدف تعتنق جميعاً فى الهجوم على الدولة وانتقادها على نحو يعمل على إحباط الشعب المصري وزعزعة ثقته في وطنه ومكافحة شعوره بالانتماء والانتقاص من حجم الانجاز الجاري تحقيقه على أرض الواقع في مختلف المجالات وهى ما تُعد حرب ممنهجة ومنظمة تدار دولياً من عدة أطراف كارهة للدولة المصرية .
جاء ذلك خلال افتتاحه لوقائع الندوة التثقيفية ضمن برنامج الجامعة لبناء الوعي والذي ينظمه قطاع شئون التعليم والطلاب ، والتى انعقدت تحت عنوان " التنمية المستدامة في مجابهة الحرب الهجين " والتى حاضر فيها اللواء أركان حرب أمجد عباس مرسى القائد الأسبق للقوات متعددة الجنسيات بالأمم المتحدة وذلك بحضور الدكتور شحاتة غريب نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب والمشرف العام على البرنامج والدكتور عاطف القرن منسق الأنشطة الطلابية وأعضاء اللجنة العليا للأنشطة الطلابية من مختلف عمداء ووكلاء كليات الجامعة ولفيف من أعضاء هيئة التدريس والطلاب من مختلف الكليات .
حيث أكد رئيس جامعة أسيوط بضرورة التمسك بالانتماء الوطني وتعزيز قيم المواطنة كسلاح مضاد المساعي التآمرية المغرضة ، مع ضرورة تصدر المثقفين والمفكرين والعلماء للمشهد الوطني في قيادة الحراك المعرفي والتنويري لمختلف الفئات العمرية من الشعب المصرية بالتعاون مع طلاب الجامعات المصرية بفكرهم الواعي والمؤهل من أجل الدفاع عن الوطن وتحقيق نهضته ورخائه وتعزيز ركائز أمنه واستقراره .
ومن جانبه أعلن الدكتور شحاتة غريب أن ندوة اليوم هي ختام فاعليات برنامج بناء الوعي في الفصل الدراسي الأول والمقرر استكماله خلال الفصل الدراسي الثاني ‘ن شاء الله ، منوهاً أن الجزء السابق من البرنامج تضمن موضوعات تناولت جهود الدولة التشريعية لمواجهة فيروس كورونا ، المشروعات القومية الكبرى والعاصمة الإدارية الجديدة وطرازها المعماري المميز ، وتوجيه سلاح الشائعات ضد مصر ، وحروب الجيل الرابع وأثرها على الأمن القومي وكذلك تنمية الوعي بالحرف التقليدية ومستقبلها في صعيد مصر ، مشيداً بما قدمه رئيس الجامعة من دعم ورعاية لبرنامج بناء الوعي مما ساهم في نجاحه وذلك بجهد وعمل من كافة أعضاء اللجنة العليا للأنشطة الطلابية .
وخلال إدارته للندوة كشف الدكتور شحاتة غريب عن الندوة تتضمن الإعلان عن مسابقة طلابية تنظمها الإدارة العامة لرعاية الشباب والمتعلقة بإعداد تقرير عن الندوة وأهم المحاور والمعلومات المتضمنة فيها ، بحيث لا يقل عن صفحتين ولا يزيد عن 5 صفحات على أن يتم تقديمه في موعد أقصاه 5 يناير القادم بالإدارة العامة لرعاية الشباب ومن المقرر تحكيم التقارير المقدمة واختيار أفضل 10 تقارير للفوز في المسابقة .
وخلال محاضرته ضمن فعاليات الندوة استعرض اللواء أمجد عباس مرسي أبرز ما يدور علي الساحة المصرية والعربية من أحداث هامة متعلقة بالإرهاب والنظام العالمي الجديد والمد الإسلامي والفتنة الطائفية وكذلك ثورات الربيع العربي مشيراً لكونها تمثل حرباً حقيقية غير نمطية من نوع جديد لها أدواتها وتكتيكاتها , وموضحاً أن الحرب في معناها في عبارة عن مجموعة من الإجراءات العدائية التي تتخذها الدول لتدمير بعضها البعض والتي تقوم في الأساس علي جهل الشعوب واستخدام العقل في التدمير .
كما أشار سيادته إلي مخاوف دول الغرب الرأسمالي من استقلال دول المنطقة العربية والتي يعتبرها ضمن نفوذه ونفطها من مستحقاته لذلك لجأ إلي إستراتيجية تعبئة دول " قوس الأزمات " وهي عبارة عن مجموعة من الدول الإسلامية تم استغلالها من خلال أجهزة الاستخبارات الغربية وتعبئتها بتنظيمات الإسلام السياسي , وهكذا ظهرت الجماعات التكفيرية وتوالدت من بعضها البعض طوال فترة السبعينات والثمانينات , ومع بداية التسعينات بدأت صراعات تشكيل النظام الدولي الجديد وكان معها وابل من الحروب من بينها حرب تحرير الكويت والحرب الدموية في الجزائر وحرب جنوب السودان وحرب الميليشيات في الصومال , كما بدأت الألفية الجديدة بحروب وثورات أكثر دموية منها الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله والحرب الإسرائيلية ضد لبنان وحرب دارفور ثم ثورات الربيع العربي التي بدأت في تونس لتمتد غلي مصر وليبيا وسوريا واليمن ودخول المنطقة في فوضي داعش والقاعدة .
وفي سياق متصل تناول اللواء أمجد عباس تطور أجيال الحروب القديمة والمعاصرة في التاريخ الإنساني مروراً بالجيل الأول القائم علي التقابل المباشر وتفوق الأقوي , والجيل الثاني الذي يعتمد في الأساس علي المدفعية والبارود , والجيل الثالث والذي يكون التفوق فيه قائم علي تحقيق المناورات والتطويق مثل حرب 6 أكتوبر , كما استعرض سيادته الحروب متقدمة الأجيال وأبرزها حرب الجيل الرابع والتي يتفوق فيها الأقدر علي الاستخدام المحكم لقوي العقل من خلال تطويع أبناء البلد الواحد لتدمير أنفسهم بأيديهم مستغلين نقاط الضعف الموجودة , مشيراً إلي دور القيادة الرشيدة للدولة المصرية في التصدي لحروب الجيل الرابع والتي استطاعت خلالها إحكام السيطرة الأمنية وإبعاد الفوضي الخلاقة التي سيطرت علي الشرق الأوسط والتي ظهرت في أشكال متعددة منها الانقسامات والفتن والعصيان المدني والاحترابات العرقية والطائفية والإضرابات والوقوف في وجه الشائعات والحروب النفسية والتشكيك في العقيدة علي نحو جعل منها هدفاً للكثير من الدول لحروب الأجيال القادمة , أما حرب الجيل الخامس فتختلف في قيامها علي تكوين كيانات وحشية تتميز بقدرتها التسليحية الفائقة والتي تعبر الحدود ولا تعترف بالدول , والجيل السادس أو ما يعرف بالحرب المميكنة التي تعتمد علي الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار , والجيل السابع هو الحرب الاقتصادية بعيدة المدي وكسر الهيمنة الاقتصادية بين الدول الكبري.
كما ألقي اللواء أمجد عباس الضوء خلال محاضرته علي الحروب المهجنة الأجيال والتي يتم خلالها استخدام أفراد أو جماعات من عناصر من الدولة ودعمهم إعلامياً واقتصادياً لتنفيذ أعمال عدائية ممنهجة سعياً وراء تحقيق الإنهاك والاستنزاف والانهيار التام , منوهاً إلي دور الدولة في بناء المواطنة وتعزيز الانتماء من خلال ثلاثة أسس قائمة علي تقديم الخدمات والعدل والدفاع , وحل بؤر الضعف الاجتماعي داخل الدولة .
وعن كيفية مجابهة الحرب الهجين أوضح اللواء أمجد مرسي أن التنمية المستدامة هي الحل الأمثل والطويل الأمد والحاسم لمواجهة الحروب الهجينة ،وذلك لكونها عملية لتطوير الإنسان والاقتصاد والبيئة شاملة المدن والمجتمعات والأنشطة التجارية والصناعية ، بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة علي تلبية حاجاتها وإعطاء فرصة للطاقة أن تتجدد، ولذلك فأن العناصر والترابط الأساسية للتنمية المستدامة تقع ما بين التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية والبيئة بشكل عادل ، وعن أهم الأهداف التي وضعتها الأمم المتحدة للتنمية المستدامة تتمثل في القضاء علي الفقر بكل صورة وضمان الكرامة والعدالة ، حماية الموارد الطبيعية للكوكب والطقس للأجيال القادمة ، ضمان حياة مزدهرة ومرضية في وئام مع الطبيعة ، تعزيز السلم والعدالة العرقية والعقائدية في المجتمعات بصورة شاملة ، وتنفيذ الأجندة في شراكة عالمية متينة،التعليم الجيد، الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية ، الحد من أوجه عدم المساواة.
وعن عناصر التنمية المستدامة لتعزيز الانتماء، أشار اللواء أمجد إلى زيادة التوعية بأهمية الدولة لكرامة الإنسان ، تنمية العمل الجماعي لمقاومة نزعة الأنانية ، والعمل على اهتمام الدولة ومؤسساتها بالصحة والفروق والاحتياجات الخاصة ، بناء المؤسسات على التدرج في الترقية والتولية وضمن معايير واضحة ، فضلاً عن محاربة الانعزال والتقسيمات الرأسية والأفقية، والدعم التكنولوجي والإعلامي الذي تقدمه بعض الكيانات العملاقة والذي يضاعف من قوة تلك الجماعات الهمجية المشبوهة .
أما أهم المقترحات والأفكار التي قدمها اللواء تتضمن مشروعات معلقة بتنمية شمال الصعيد ، محور قناة السويس، مشروع الإسكان والكهرباء والطاقة النظيفة ، المثلث الذهبي ، ربط السلوم ، وأشجار منتجة للأخشاب ، مشروع مجال النقل البحري ،مشروع استغلال منخفض القطارة ، ومشروع وادي التكنولوجيا .
وجديراً بالذكر، تخرج اللواء أمجد عباس من كلية الدفاع الجوي عام 1987 ، وحصل علي بكالوريوس هندسة الاتصالات من جامعة الإسكندرية عام 1989 ،ثم حصل علي ماجستير علوم عسكرية عام 2004، ثم التحق بالدورة الفنية التخصصية بروسيا الاتحادية عام 1997، و دورة القادة في حلف الناتو بألمانيا الاتحادية عام 2001، و دورة كبار القادة لعمليات حفظ السلام من الاتحاد الأفريقي عام 2014 ، كما أنه أول مراقب دولي مصري بالأمم المتحدة عام 1993، وأول قائد مصري الجنسية للقوات متعددة الجنسيات من عام 2014-2016 ، فضلاً عن أن لديه كتاب تحت النشر عن حروب قوى العقل.
وفي ختام الندوة أهدى الدكتور طارق الجمال درع الجامعة للواء أمجد عباس مرسي القائد الأسبق للقوات متعددة الجنسيات بالأمم المتحدة تقديراً لمشاركته في سلسلة حلقات وفعاليات برنامج بناء الوعي .