Skip to main content

الشرطة والجمهورية الجديدة ... مقال الأستاذ الدكتور شحاتة غريب شلقامى نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب

الشرطة والجمهورية الجديدة ... مقال الأستاذ الدكتور شحاتة غريب شلقامى

ليبيا وحتمية صياغة دستور جديد

تحتفل مصر فى هذه الأيام بذكرى عيد الشرطة المصرية، وأجمل ما فى هذا الاحتفال هو خروج معظم الشباب، لتهنئة رجال الشرطة بعيدهم.

 

 

وقد كان ملفتًا للنظر أن التهنئة لم تقتصر فقط على زيارة القيادات الشرطية فى مكاتبهم، ولكن قد كانت هناك العديد من الجولات فى شوارع وميادين المحافظات، لتقديم التهنئة لأبطال الشرطة البواسل، الذين يقفون ليل نهار، من أجل نشر الطمأنينة بين صفوف الجميع، ومن أجل استمرار شعور المواطنين بالأمن والأمان والاستقرار، وعدم السماح لأى شخص أيا كان، أن يكون عقبة أمام استمرار هذا الشعور!.

فى هذا الصدد، ينبغى أن أشير إلى أسرة طلاب من أجل مصر بالجامعات المصرية، حيث قد قام شبابها بجولات واسعة فى معظم المحافظات المصرية، لتقديم التهنئة لضباط وأفراد الشرطة الباسلة، وقد كانت سعادة ما بعدها سعادة، قد رأيتها فى عيون أفراد الشرطة، وكانت الفرحة ترقص من حولهم فى كل مكان، وكأنهم يملكون ثروات العالم كله، لأن شعورهم بتقدير الشباب لهم يكون غاليا، ويعتبر وبحق أسمى وأغنى من كنوز الأرض، وأن الابتسامة المرسومة على شفاه الشباب، وهم يقدمون لهم التهنئة تفوق كل شيء، وتجعلهم يشعرون دائما بالفخر بأعمالهم البطولية، التى يشعر بها هؤلاء الشباب، ويقدرون كل ما يفعله رجال الشرطة من أجلهم!

وفى حقيقة الأمر، تستحق الشرطة المصرية ما فعله شباب من أجل مصر فى هذه الأيام، احتفالاً بذكرى عيد الشرطة، لأن رجال الشرطة قد قدموا للشعب المصرى الكثير والكثير، وضحوا بأرواحهم من أجل أن يعيش المواطن المصرى فى سلام واستقرار.

ومهما كتبت عن تضحيات رجال الشرطة المصرية لن أوفيهم حقهم، لأنهم عاهدوا الله، قبل أن يعاهدوا الشعب على العمل بإخلاص، وأن يقدموا أنفسهم فداء لمصر، وأن تكون صدورهم دروعا واقية للشعب، لحمايتهم من رصاص الغدر والخيانة، ولتهيئة المناخ الملائم لتحقيق التنمية الشاملة فى كل المجالات.

وليعلم الجميع أن الجمهورية الجديدة التى ولدت نتيجة الكفاح المشترك من الشعب والجيش والشرطة، لم تأت بمقوماتها وركائزها الجديدة من فراغ، بل قد جاءت نتيجة تضحيات غالية من كل أطياف الشعب المصرى، وبمساندة قوية من الجيش والشرطة، حبا فى تحقيق رغبات المواطنين، والانتصار لمطالبهم، أيا كانت النتائج، وأيا كانت التضحيات، حيث سالت الدماء الطاهرة لخيرة شباب الشرطة، دفاعا عن الشعب، وعن حقوقه.

وقد كان هؤلاء الشباب حصونا عتيدة، لم تسمح للخونة، والمتطرفين، بأن يقتحموا أبواب قلعة الشعب، كى يبقى هذا الأخير بعيدا عن نيران هؤلاء الخونة، وكى تظل أجواء الاستقرار باقية، لا يستطيع كائن من كان أن يمسها، أو يهدد ذرة واحدة من تراب الوطن!

وإذا كانت الجمهورية الجديدة قد جاءت نتيجة تضحيات كثيرة كما أشرت آنفا، فيجب أن ندرك جيدا أن القيم الجديدة التى أتت بها هذه الجمهورية، قد أثرت فى جميع فئات الشعب، ولم تكن الشرطة المصرية بعيدة عن هذا التأثير، بل قد طرقت قيم الجمهورية الجديدة أبواب الشرطة بكل قطاعاتها وأجهزتها، وتم إعادة هيكلة الشرطة المصرية أكثر من مرة، لتطور من نفسها، وليستمر عطائها بلا حدود من أجل مصر والمصريين، وأصبح أمن المواطن المصرى هو الشغل الشاغل لرجل الشرطة المصرية أيا كان الثمن!

ولم يقتصر دور الشرطة المصرية على رسالتها السامية فى تحقيق الأمن والأمان للمواطن المصرى، بل قد أصبح لها دورًا اجتماعيًا رائدًا فى العديد من المجالات، وأصبحت المساهمة فى توفير الحياة الكريمة للشعب المصرى جزءا مهما من استراتيجيتها، وأصبحت أهداف التنمية المستدامة، ومدى المشاركة فى تحقيقها، وبما يتناسب مع الرؤية المصرية 2030م، أحد أهم الأهداف التى تسعى الشرطة المصرية إلى تحقيقها، كى ينعم الشعب بحياة كريمة، يتوافر فيها كل مقومات هذه الحياة، وبما يتناغم مع طموحات وآمال القيادة السياسية، من أجل الشعب المصرى العظيم.

وقد يعتقد بعض الناس أننى أبالغ فى كل ما ذكرته آنفا، ولكن الحقيقة تشهد بأكثر مما قد ذكرته عن الأعمال البطولية والفدائية لرجال الشرطة المصرية الباسلة، وأدعو أى شخص قد يفكر فى عكس ما ذكرته، أن يفكر قليلا، وأن يجعل ضميره الوطنى هو الحكم فى كل ما كتبته، وأن يتذكر دماء محمد مبروك الطاهرة التى سالت من أجل مصر، وأن يتذكر مصطفى عثمان أحد زهور الشرطة، الذى قدم حياته من أجل مصر، وأن يتذكر وحيد وجاد وفايز والحوفى ونصار وعادل وعصر وعفت وعبدالجليل وعبدالمحسن وغيرهم من الأبطال، الذين تركوا أسرهم، وأطفالهم، وعاشوا ليال طويلة فى ظلمة الجبال، وبين النيران، من أجل مصر، ومن أجل منع الخونة الإرهابيين من الوصول إلى الميادين التى نحتفل فيها، أو النوادى التى نجلس بين أشجارها وأزهارها وورودها، أو المكاتب المكيفة التى نبقى فيها طويلا خوفا من نيران صيف حارق، أو خوفا من برد شتاء قارس، أو الفنادق والقرى السياحية الفارهة، التى نمكث فيها استجماما، ونستمتع بمناظرها، وطبيعتها الخلابة، ونعيش حياتنا طولاً وعرضًا، دون أن نشعر بالجحيم الذى يعيشه الأبطال البواسل كل يوم، من أجل أن تكون الجنة ونعيمها تحت أقدامنا!

وعلى كل منصف أن يدرك جيدا ما تفعله الشرطة المصرية من أجل الشعب، وأن قادة الشرطة ورجالها يدركون جيدا مفهوم الجمهورية الجديدة، وما جاءت به من فكر جديد، يقدس الحقوق والحريات، وتحقيق الاستقرار، واحترام سيادة القانون، والعمل على إعلاء شأن الكرامة الإنسانية، وعدم المساس بها.

ويجب أن نعلم أن رجال الشرطة قد كانوا وما زالوا أبطال العديد من القضايا، التى تم فتحها فى الفترات الأخيرة، دون تفرقة بين شخص وآخر، ودون مساس بحريات الأفراد، وأن القانون وحده هو الحكم بينهم، وأن تعزيز وتدعيم الدولة القانونية هو أحد أهم مبادئ الشرطة فى ظل الجمهورية الجديدة.

بقلم

أ. د/ شحاتة غريب شلقامي

أستاذ القانون ونائب رئيس جامعة أسيوط

https://www.mobtada.com/opinions/1132107/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%B7%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9